فصل: تفسير الآية رقم (82):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (82):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [82].
{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً} أي: ضحكاً قليلاً، أو زماناً قليلاً، غايته مدة حياتهم {وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} أي: بكاءً، أو زماناً كثيراً، بعد الموت، أبد الآباد {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أي: بفرحهم بمخالفة الله ورسوله، من الكفر والمعاصي العظائم.
لطائف:
الأولى: سرّ إخراج حالهم الدنيوي والأخروي على صيغة الأمر، الدالة على تحتم وقوع المخبر به، فإنه أمر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عنه المأمور به، فإن قيل: إنهم ذكروا أنه يعبر عن الأمر بالخبر للمبالغة، لاقتضائه تحقق المأمور به، فالخبر آكد، فما باله عكس هنا؟
فالجواب: لا منافاة بينهما، لأن لكل مقام مقالاً، والنكت لا تتزاحم، فإذا عبر عن الأمر بالخبر، لإفادة أن المأمور، لشدة امتثاله، كأنه وقع منه ذلك، وتحقق قبل الأمر كان أبلغ.
وإذا عبر عن الخبر بالأمر كأنه لإفادة لزومه ووجوبه، فكأنه مأمور به، أفاد ذلك مبالغة من جهة أخرى.
الثانية: الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في قوله: {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} دلالة على الإستمرار التجددي ما داموا في الدنيا.
الثالثة: جزاءً مفعول له للفعل الثاني، أي: ليبكوا جزءاً، أو مصدر حذف ناصبه، أي: يجزون بما ذكر من البكاء الكثير جزءاً.
ولما جلَّى سبحانه ما جلى من أمرهم، فرّع عليه قوله:

.تفسير الآية رقم (83):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [83].
{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} أي: ردّك من غزوة تبوك {إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} أي: من المنافقين المتخلفين في المدينة {فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ} معك إلى غزوة أخرى بعد تبوك، دفعاً للعار السابق {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي: فخذلكم الله، وسقطتم عن نظره، بل غضب عليكم، وألزمكم العار.
{فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} أي: من النساء والصبيان دائماً.
لطائف:
قوله تعالى: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً} إخبار في معنى النهي للمبالغة، وذكر القتال لأنه المقصود من الخروج، فلو اقتصر على أحدهما كفى إسقاطاً لهم عن مقام الصحبة، ومقام الجهاد، أو عن ديوان الغزاة، وديوان المجاهدين، وإظهاراً لكراهة صحبتهم، وعدم الحاجة إلى عدّهم من الجند، أو ذكر الثاني للتأكيد، لأنه أصرح في المراد، والأول لمطابقته لسؤاله كقوله:
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا فهو أدل على الكراهة لهم- أفاده الشهاب-.
قال أبو السعود فكان محوُ أساميهم من دفتر المجاهدين، ولزّهم في قرن الخالفين، عقوبة لهم أي: عقوبة.
ثم قال: وتذكير إسم التفضيل المضاف إلى المؤنث، هو الأكثر الدائر على الألسنة. فإنك لا تكاد تسمع قائلاً يقول: هي كبرى امرأة، أو أُولى مرة.

.تفسير الآية رقم (84):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [84].
{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً} قال المهايمي: لأنها شفاعة، ولا شفاعة في حقهم {وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} أي: لا تقف عليه للدفن أو للزيارة والدعاء.
قال الشهاب: القبر مكان وضع الميت، ويكون بمعنى الدفن، وجوّز هنا:
{إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} في الحياة في الباطن {وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} أي: خارجون عن الإيمان الظاهر، الذي كانوا به في حكم المؤمنين.
تنبيهات:
الأول: روى الشيخان في سبب نزول الآية عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما توفي عبد الله ابن أبيّ، جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر، فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما خيرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} وسأزيده على السبعين». قال: إنه منافق. قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عزَّ وجلَّ آية: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} الخ.
قال الحافظ أبو نعيم: وقع في رواية في قول عمر: أتصلي عليه وقد نهاك الله عن الصلاة على المنافقين؟، ولم يبيّن محل النهي، فوقع بيانه في رواية أبي ضَمْرَة عن العمري: وهو أن مراده بالصلاة عليهم الاستغفار لهم، ولفظه: وقد نهاك الله أن تستغفر لهم. انتهى.
يعني في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}، فإنها نزلت في قصة أبي طالب حين قال صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرنّ لك، ما لم أُنْهَ عنك». وكانت وفاة أبي طالب بمكة قبل الهجرة اتفاقاً، ووفاة عبد الله بن أبيّ في ذي القعدة، سنة تسع بعد قدوم النبيّ صلى الله عليه وسلم من تبوك. كذا في فتح الباري.
ووقع في مسند الإمام أحمد ما تقدم من حديث عمر نفسه.
قال عمر: لما توفي عبد الله بن أبيّ دُعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عليه، فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه، تحولت حتى قمتُ في صدره فقلت: يا رسول الله! أعلى عدوّ الله: عبد الله بن أبيّ القائل يوم كذا، كذا وكذا؟ يعدّد أيامه، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى إذا أكثرت عليه قال: «أَخِّرْ عني يا عمر، إني خيرت فاخترت، قد قيل لي: {اسْتَغَفِرْ لَهُمْ} الآية، لو أعلم أني لو زدت على السبعين، غُفِرَ له، لزدت».
قال: ثم صلى عليه ومشى معه وقام على قبره، حتى فرغ منه. قال: فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم.
قال: فوالله! ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً} الآية، فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قبضه الله عزَّ وجلَّ.
ورواه البخاري والترمذي أيضاً.
وروي الإمام أحمد عن جابر قال: لما مات عبد الله بن أبيّ، أتى ابنه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إِنك إِن لمحفرته، منزل نُعيَّر به، فأتاه النبيّ صلى الله عليه وسلم، فوجده قد أدخل في حفرته فقال: «أَفَلَا قَبْلَ أن تدخلوه؟» فأخرج من حفرته، وتفل عليه من ريقه من قرنه إلى قدمه، وألبسه قميصه. ورواه النسائي، وروى نحوه البخاري والبزار في مسنده، وزاد: فأنزل الله الآية.
زاد ابن إِسحاق في المغازي بسنده قال: فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعده حتى قبضه الله، ولا قام على قبره.
وقد روى الإمام أحمد عن أبي قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دعي إلى جنازة سأل عنها، فإِن أُثْنِيَ عليها خير قام فصلى عليها، وإِن كان غير ذلك، قال لأهلها: «شأنكم بها». ولم يصل عليها.
الثاني: إِنما منع صلى الله عليه وسلم من الصلاة على أحدهم إِذا مات، لأن صلاة الميت دعاء واستغفار واستشفاع له، والكافر ليس بأهل لذلك.
الثالث: قال: السيوطي في الإكليل: في قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} الآية، تحريم الصلاة على الكافر، والوقوف على قبره، وأن دفنه جائز، ومفهومه وجوب الصلاة على المسلم ودفنه، ومشروعية الوقوف على قبره، والدعاء له، والاستغفار. انتهى.
قال عثمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإِنه الآن يُسْأل».- انفرد بإِخراجه أبو داود-.
الرابع: قال الحافظ ابن حجر في الفتح ظاهر الآية أنها نزلت في جميع المنافقين، لكن ورد ما يدل على أنها نزلت في عدد معين منهم.
قال الواقدي: أنبأنا معمر عن الزهري قال: حذيفة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِني مُسِرٌّ إليك سراً، فلا تذكره لأحد، إِني نهيت أن أصلي على فلان، رهطٍ ذوي عدد من المنافقين».
قال، فلذلك كان عمر إِذا أراد أن يصلي على أحد استتبع حذيفة، فإِن مشى معه، وإِلا لم يصلّ عليه.
ومن طريق أخرى، عن جبير بن مطعم أنهم اثنا عشر رجلاً.
وقال حذيفة مرة: إِنه لم يبق منهم غير رجل واحد. ولعل الحكمة في اختصاص المذكورين بذلك، أن الله علم أنهم يموتون على الكفر، بخلاف من سواهم، فإِنهم تابوا. انتهى.
ثم بين تعالى أن دوام غضبه عليهم لا ينافي إِعطاءهم الأموال والأولاد، بقوله سبحانه:

.تفسير الآية رقم (85):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [85].
{وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ} أي: لأنه لم يرد الله الإِنعام عليهم بها، ليدل على رضاه عنهم، بل الإنتقام منهم، قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا} أي: بالمشقة في تحصيلها وحفظها والحزن عليها {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} أي: فيموتون كافرين غافلين عن التدبر في العواقب.
وقد تقدمت الآية في هذه السورة مع تغاير في ألفاظها.
قال الزمخشري: أعيد قوله: {وَلا تُعْجِبْكَ}، لأن تجدد النزول له شأن في تقرير ما نزل له وتأكيده، وإِرادة أن يكون على بالٍ من المخاطب لا ينساه، ولا يسهو عنه، وأن يعتقد أن العمل به مهم، يفتقر إلى فضل عناية به، لاسيما إذا تراخى ما بين النزولين، فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه، ويتخلص إليه، وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يحب أن يحذر منه. انتهى.
وقال الفارسي: ليست للتأكيد، لأن تيك في قوم وهذه في آخرين. وقد تغاير نطقها، فهنا: {وََلَا}، بالواو لمناسبة عطف نهي على نهي قبله في قوله: {وَلَا تُصَلَّ} الخ، فناسب الواو، وهناك بالفاء لمناسبة التعقيب لقوله قبله:
{وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} أي: للإنفاق. فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد، فنهى عن الإعجاب المتعقب له. وهنا: وأولادهم، دون لا، لأنه نهي عن الإعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادة لا، لأنه نهي كل واحدٍ واحدٍ، فدل مجموع الآيتين على النهي عن الإعجاب بهما مجتمعين ومنفردين، وهنا: {أَنْ يُعَذِّبَهُمْ} وهناك {لِيُعَذَبَهُمْ} بلام التعليل وحذف المفعول، أي: إنما يريد اختيارهم بالأموال والأولاد، وهنا المراد التعذيب، فقد اختلف متعلق الإرادة فيهما ظاهراً، وهناك: {فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وهنا: {فِي الدُّنْيَا}، تنبيهاً على أن حياتهم كَلَا حياة فيها، وناسب ذكرها بعد الموت، فكأنهم أموات أبداًَ. انتهى.

.تفسير الآيات (86- 87):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [86- 87].
وقوله تعالى: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَعليها َطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} إنكار وذم للمتخلفين عن الجهاد، الناكلين عنه، مع وجود الطَّول الذي هو الفضل والسعة، وإخبار بسوء صنيعهم، إذ رضوا بالعار والقعود مع الخوالف، لحفظ البيوت، وهن النساء، وذلك لإيثارهم حب المال على حب الله، وأنه بسبب ذلك.
{وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي: ختم عليها {فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}، أي: ما في حب الله والتقرب إليه بالجهاد من الفوز والسعادة، وما في التخلف من الشقاء والهلاك.
فوائد:
الأولى: قال الزمخشري: يجوز أن يراد السورة بتمامها، وأن يراد بعضها، في قوله: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} كما يقع القرآن والكتاب على كله وعلى بعضه.
وقيل: هي براءة لأن فيها الأمر بالإيمان والجهاد. انتهى.
وقيل: المراد كل سورة ذكر فيها الإيمان والجهاد.
قال الشهاب: وهذا أولى وأفيد، لأن استئذانهم عند نزول آيات براءة علم مما مرّ. وقد قيل: إن إِذا تفيد التكرار بقرينة المقام لا بالوضع، وفيه كلام مبسوط في محله.
الثانية: إِنما خص ذوي الطَّول، لأنهم المذمومون، وهم من له قدرة مالية، ويعلم منه البدنية أيضاً بالقياس.
الثالثة: الخوالف: جمع خالفة، وهي المرأة المتخلفة عن أعمال الرجال، والمراد ذمهم وإِلحاقهم بالنساء، كما قال:
كُتِبَ القتلُ والقِتال علينا ** وعلى الغانيَات جرُّ الذيولِ

والخالفة تكون بمعنى من لا خير فيه، والتاء فيه للنقل للإسمية، فإن أريد هاهنا، فالمقصود من لا فائدة فيه للجهاد.
وجمع على فواعل على الوجهين: أما الأول فظاهر، وأما الثاني فلتأنيث لفظه، لأن فاعلاً لا يجمع على فواعل في العقلاء الذكور، إلا شذوذاً، كنواكس، أفاده الشهاب.
ثم بيّن تعالى ما للمؤمنين من الثناء الحسن، والمثوبة الحسنى ضد أولئك، بقوله سبحانه: